كل شارع يروي قصة
كل حي تطوف به أرواح الشهداء
وكل شبر يحمل ذكرى
أرض النبوءات بلا أنبياء
أرض الثبات المتناقض
أرض جمعت كل المتضادات
شعب يصرخ بالحرية والعالم مستعبد
يكسر قيود الاحتلال من على أرواحهم قبل أعناقهم
في وقت يبذل جيرانهم فيه ثروات شعوبهم لشراء قيود تكبلهم وتحتل أرضهم
أرض تسري المقاومة في أرواح اجنتها قبل رجالها
خلقوا أبطال
فوارس حرب
رجال مواجهة
فيأتي الذليل من على طائرة
والخائف الجبان من خلف مدرعة ودبابة
ليسفكوا الدم ويدمروا كل مدمر
وبعد كل هذا الدمار الذي لا يخلفه سوى الشيطان،
دمار يشير إلى أن أقدام اليهود مرت من هنا
وكأنك حين تمر تسمع تساؤلات، كل زاوية معمرة بالخراب
فهنا سترى...
طيور تطير دون زقزقة،
أطفال يلعبون دون شغف،
جندي يحارب دون سلاح،
دقائق تحولت لساعات،
أيام مرت كعقد من الزمن،
شمس تغرب بالنهار،
لتنسدل عباءة الليل الحزين.
قمر شاحب بالسماء،
نجوم تائهة بالفضاء،
وسماء مكتضة بالدموع.
الكلام لا يُفهم
والصمت يغرز أظافره بصدورنا
هنا خرقت قوانين الحياة!
أخرست ألسنة العالم!
البحر لم يعد له أمواج
والأوراق تزحف على الأرض دون حفيف
النار تشتعل دون دفئ
والجبان يحتل ويدمر
والأنوار انطفأت
والثواني تبددت،
وكأن الضوء مظلم
والطريق حطام
كل هذا يحدث لغزة
بأي ذنب خدشت معالم وجهك العتيق؟
وبأي حق تداس بك وجوه الشياطين؟
ولمن تضرم كل هذه النيران؟
نار تقتات على أرواح أطفال غزة
وتجعل من دخانها شبح يسلب منهم حياتهم
ومن نارها لهيب يتوقد بصدورنا
كل هذا يسكن غزة هاشم!
ويجتاح شغاف قلوبنا
لكنها النهاية
وبنا، نحن أبناء اليمن
نصنع بدايات مجد قادم
وبداية العودة للأرض المنشودة.
ومن هنا زأر صوت القادة
من يمن الأنصار
وكل مقاوم بإرادة،
وعدوا وصدق وعد القادة
إما النصر أو نيل شهادة
هنا... اليمن
تنهض من رمادِ الحصارِ
كعنقاءٍ تشهقُ بالغضب
تكسرُ المدى الهامد
و تهبطُ القذائفُ من الجبالِ
كأنها أسئلةُ التاريخ
تبحثُ عن جوابٍ في عيونِ المقاتلين
هي اليمن، إن اشتدّ عليها الظلم،
ترسل أبناءها نجومًا تقصفُ الظلام،
وترفعُ راية فلسطين على جباه رجالها
كآيةٍ لا تسجد إلا للحق
هي كربلاءٌ أخرى،
لكن لا حسينَ واحد
بل ألف قسمٍ
وألف شهيدٍ
وألف نبوءةٍ
تكتب في دم:
أن القدس لا تساوم،
وأن إسرائيل... وهمٌ في مؤقت الوجود.
وستعود أرضنا، و وعد منا
سنخرس قسيسى كنائسهم،
ونكسر ناقوس معابدهم،
ونلعن عقائد كهنتهم،
ونفتت صفوف كتائبهم،
ونشعل ناراً تتوسط ضلوعهم،
لتسقط رايات المحتل،
وهذه الأرض لنا ستظل،
ليعتلي شعار قداستك يا قدسي
ولينبثق نورك السرمدي،
من قناديل أرواح شهدائك،
لتعود الحياة إلى أرضك،
ونقسم…
أن لا يُرفع ناقوسٌ في أرضٍ أنجبت الأذان،
أن تُحرق كتبهم قبل أن تُكتب،
وأن يتلو الطير صلاته على قبابك،
يا قدس،
فتعود الحياة…
من وهجِ الشهادة
لا من نوايا السلام المؤجَّل.
بقلم/كِفاء عبدالرحمن الوجيه